عادل محمد زايد
عدد المساهمات : 343 تاريخ التسجيل : 29/08/2009
| موضوع: سيدى ابو العبا س المرسى 2009-12-19, 3:26 pm | |
| [size=21]الشيخ ومولده
كان مولده "بمورسية" سنة 616 هح 1214م. هو الشيخ العارف بالله شهاب الدين أحمد بن عمر بن علي الخزرجي "البلنسي" الأصل، الملقب بالشيخ أبي العباس المرسي، يمتد نسبه إلى سعد ابن عبادة الأنصاري وجده الأعلى قيس بن سعد أمير مصرفي خلافة سيدنا علي كرم الله وجهه سنة 36 ه.ح
تألق وهو حدث السن وغض الفؤاد في سماء العلم، فحفظ القران في عام، وتفرغ للدرس على يد كبار علماء الأندلس فأخذ عنهم علوم الشرع حتى ارتوى عقله ورجح فكره وأخذ من أدبهم وتخلق بأخلاقهم ونهل من تربيتهم.
فلما قوي ساعده على جهد العمل، أصاب من التجارة فأضفى عليها حلة الأمانة والعفة والنزاهة. فكان ربحه بالآلاف وتصدقه بالآلاف. ورجل من هذا المعدن لا تملك الدنيا إلا أن تنفض منه يديها لأنه يكون فيها بقلبه وروحه، وتكون عنده في يده، فلا يدرك أن يأخذ حتى يعطي، وأن يملك حتى يفقد. فلا يزال منها معرضا ولا تزال عليه إقبالا، فهو فارغ من معناها إلا معنى أنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة.
كتب الله على الشيخ أبي العباس أن يكون الباقي من أسرة ابتلعتها الأمواج العاتية في رحلة لحج بيت الله الحرام، حيث ذهبت الرياح العاصفة بمركبتهم ومن فيها، إلا الشيخ فإن عناية الرحمن تداركته لحكمة مسبقة ونعمة على الخلائق ملحقة. فانتهى به المقام في تونس واتخذها دارا حتى أذن الله له بما أعده من أجله.
لقاء الشيخ
جاء اليوم الموعود واللقاء المبارك المشهود، واجتمع الخل بخليله فانشرفت خبايا الخلائق على منتهى العلائق وسر الحقائق، فكان ذلك نور الوراثة. ينادي المنادي من قبله على روح المحتاج لسلوك طريق المنهاج. فعرف الشيخ من بين الورى ملازمه ومنتهى أنسه ومنادمه (الشيخ أبو الحسن الشاذلي) وذلك أنه يحكي بنفسه رؤيا رآها تدله على بلوغ مصحوبه ونيل مطلوبه ومحبوبه. قال رحمه الله: (لما نزلت بتونس وكنت أتيت من مرسية بالأندلس وأنا إذ ذاك شاب سمعت بالشيخ أبي الحسن الشاذلي فقال لي رجل نمضي إليه فقلت حتي أستخير الله, فنمت تلك الليلة فرأيت كأني أصعد إلي رأس جبل فلما علوت فوقه رأيت هناك رجلا ً عليه بُرنس أخضر وهو جالس عن يمينه رجل وعن يساره رجل فنظرت إليه فقال عثرت علي خليفة الزمان قال فانتبهت فلما كان بعد صلاة الصبح جاءني الرجل الذي دعاني إلي زيارة الشيخ فسرت معه فلما دخلنا عليه رأيته بالصفة التي رأيته بها فوق الجبل جبل زغوان, فدهشت فقال الشيخ أبا الحسن الشاذلي: عثرت على خليفة الزمان, ما اسمك؟ فذكرت له اسمي ونسبي. فقال لي: رفعت إليْ منذ عشر سنين ومن يومها وهو يلازم الشيخ أبا الحسن الشاذلي رحمه الله. فرأى الشيخ في مريديه ما لم ينظر له من غيره، فسكن في قلبه حبه، وائتمنه على ورده وغمره بعناية الإقبال على تربيته والتفرغ لتزكية نفسه، حتى يكون له من بعده خليفة وارثا لسر العرفان ومبشرا بروح الإحسان، فنهل من منهل التقوى حتى ارتوى، وذاق من نار الشوق حتى اكتوى، وشع قلبه بنور الصحبة ومعين المحبة، فكان لمصحوبه نعم الصاحب، وفي سلوكه نعم الطالب والراغب فقال له يوما شيخه: (يا أَبَا العبَاَّسِ؛ واللهِ ما صَحَبْتُكَ إِلاَّ لِتَكُون َ أَنْتَ أَنَا، وأَنـَـا أَنْتَ يا أَبـَا العَبَّاسِ؛ فِيكَ مَا فِى الأَوْلِيَاء وَليْسَ فِى الأَوْليَاءِ مَا فِيك) وقال فيه أيضا حديثا يشهد له فيه بخير ما إليه وصل، وبادراك نور العلم الذي به اتصل: (أبُو العبَّاسِ مُنْذُ نَفذَ إِلى اللهِ لَمْ يُحْجَبْ، وَلَوْ طَلَبَ الحِجَابَ لَمْ يجـِدْهُ وأَبُو العبَّاس ِ بِطُرُقِ السَّمَاءِ، أَعْلَمُ مِنـْهُ بِطُرُقِ الأَرْضِ)
الهجرة إلى مصر
ثم جد بهم السير إلى مصر المحروسة، على أعقاب رؤيا رآها الشيخ أبو الحسن تأمره بالانتقال إلى أرض المنن، وذلك على عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب. وهم في طريقهم ضاقت نفس أبي العباس بحمله، وأثقلت عليه مشيه وأتت على أمره، فأعطاه الشيخ دواء من عنده، ووصف له شفاء من سقمه. قائلا له: (إن اّدم عليه السلام كان يعبد الله في الجنة بالتعريف فأنزله إلى الأرض ليعبده بالتكليف، فإذا توافرت فيه العبوديتان استحق أن يكون خليفة وأنت أيضا لك قسط من اّدم كانت بدايتك في سماء الروح في جنة التعريف، فأنزلت إلي أرض النفس تعبده بالتكليف، فإذا توفرت فيك العبوديتان استحققت أن تكون خليفة) فانشكف عن المريد ما كان يجده من ضيق نفسه ووسواس حدسه، حتى وصلوا الإسكندرية فكان بها مقامهم وحلهم وأمانهم، ففتح الناس لهم واسع القلوب لما تجلت منهم عطايا علام الغيوب، فشربوا من نبع حديثهم وعذب أرواحهم عسلا مصفى شفاء للشاربين. حتى أذن الله برحيل أبي الحسن ووفاه أجله سنة 656 هت فتولى أبو العباس المرسي بلاغ الدعوة وأكمل مسيرة البيان، حتى طارت بحديثه الركبان، وتناقلت الألسنة خبره في جميع الأقطار والبلدان، فجنى من ثمار قلبه الخاصة والعامة وأخذ عنه أولو العزم والفضل والكرامة مثل: (البوصيري، وابن عطاء الله، وياقوت العرش، والعز بن عبد السلام... ) وهو يغدق عليهم من منخول محصوله، ويدر عليهم من فضائل مكنونه، حكما بدائع وجوامع لوامع، ولله دره حيث يقول: -(الأنبياء إلى أممهم عطية ونبينا محمد صلي الله عليه وسلم هدية وفرق بين العطية والهدية لأن العطية للمحتاجين والهدية للمحبوبين, قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إنما أنا رحمة مهداة) - (والله ما جلست بالناس حتي هددت بالسلب وقيل لي لئن لم تجلس لسلبتك ما وهبناك - وقال لأصحابه ليكن ذكرك الله فإن هذا الإثم سلطان الأسماء وله بساط وثمرة، فبساطه العلم وثمرته النور، ثم النور ليس مقصودا لنفسه، وإنما ليقع به الكشف والعيان، وجميع أسماء الله للتخلق إلا إسمه الله فإنه للتعلق، فمثال ذلك أنك إذا ناديته يا حليم، خاطبك من اسمه الحليم، أنا الحليم فكن عبدا حليما، وإذا ناديته باسمه الكريم خاطبك من اسمه الكريم، أنا الكريم فكن عبدا كريما، وكذلك سائر أسمائه، إلا اسمه الله فإنه للتعلق فحسب، إذ مضمونه الألوهية والألوهية لا يتخلق بها أصلا.
وفاته
فجاء وقت التحاقه بمحبوبه وسيده ومعبوده في 25 من شهر ذي القعدة سنة 686هـ / 1287م تغمده الله بواسع منه وجوده. سقته أيادي العناية الربانية ونبت قلبه في محضن التقوى والجهاد والتزكية، فأعطى من نفسه الخير للدنيا والعباد، وقال كلمته العليا التي تعمل عمل القانون في الأرض لتقول للدنيا أن الحقيقة يخدمها بشر لهم قلوب الملائكة وأن هذا النوع من الناس كالموعظة البليغة والحكمة الموزونة لا يكون بين الناس إلا ليعلموا أن الله حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها ... واليوم سار الشيخ أبو العباس جزءا من تاريخ مصر ونسته الأندلس التي نسيت.!!! ولكن أولياء الرحمن لا تحيطهم الأوطان، ولا تسعهم الأزمان حيثما عاشوا وأينما كانوا فتوجههم نحو المطلق، وأرواحهم تسبح في الملكوت العلوي فتكون منها لطائف المنن وودائع الحكم ويكون من ذلك الجسم الواحد الذي هو جسم الأمة والقلب الواحد الذي هو الإيمان والعمل الواحد الذي هو التوحيد والأمل الواحد الذي هو الله الذي لا اله إلا هو ... أما العالم اليوم فهو ضجيج صاخب وصراخ مجنون وحضارة تثير الرعب والقلق وخوف من المجهول وانغماس في الحضيض وتقلب في شهوات التراب ... ومن يدري لعل الله يبعث لنا من مورسية نفحة من نفحاته أو حكمة تقول للورى لا زال في الدنيا الخيرون ولله في خلقه شؤون وفي جميع الأحوال هم السابقون ونحن بهم أن شاء الله لاحقون ...[/size] | |
|
عبد الكريم الحسينى
عدد المساهمات : 70 تاريخ التسجيل : 01/11/2009
| موضوع: رد: سيدى ابو العبا س المرسى 2009-12-22, 7:31 pm | |
| | |
|
حسام فديو
عدد المساهمات : 91 تاريخ التسجيل : 21/12/2009
| موضوع: رد: سيدى ابو العبا س المرسى 2009-12-26, 3:07 pm | |
| | |
|
المستشارحسن
عدد المساهمات : 348 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 العمر : 47 الموقع : ال البيت الكرام
| موضوع: رد: سيدى ابو العبا س المرسى 2010-05-28, 12:09 am | |
| | |
|
hisha
عدد المساهمات : 555 تاريخ التسجيل : 30/07/2009 العمر : 42 الموقع : ال البيت الكرام
| موضوع: رد: سيدى ابو العبا س المرسى 2010-10-15, 10:56 am | |
| | |
|
المستشارحسن
عدد المساهمات : 348 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 العمر : 47 الموقع : ال البيت الكرام
| موضوع: رد: سيدى ابو العبا س المرسى 2013-07-21, 11:18 am | |
| | |
|